خطة مقترحة لعودة الخلافة بقلم محمود طراد
تقديم
الحمد لله رب
العالمين واهب النعم والصلاة السلام على خير البشر سينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن
اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين وبعد :
يقول الله تعالى " الذين إن
مكناهم فى الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله
عاقبة الأمور " الحج
ويقول سبخانه " وإذ قال ربك
للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة " البقرة
لا يخفى على عاقل أن الله تعالى أقام
السماوات والأرض وما بينهما ليقوم الناس على التوحيد ويعمل الناس بمقتضى الرسالة
" الله الذى خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن
الله على كل شىء قدير وأن الله قد أحاط بكل شىء علما " الطلاق .
وقد بشر النبى الكريم صلى الله عليه
وسلم بأن الخلافة ستعود بعد رفعها يوماً من الأيام " تكونُ النُّبُوَّةُ فيكُم
ما شاءَ اللَّهُ أنْ تَكونَ، ثُمَّ يَرْفَعُها اللَّهُ إذا شاء أنْ يَرْفَعَها، ثُمَّ
تَكونُ خِلافَةً عَلى مِنهاج النُّبوَّةِ، فَتَكونُ ما شاءَ اللّهُ أنْ يَكونَ، ثُمَّ
يَرْفَعُها اللّهُ إذا شاء أنْ يَرْفَعَها، ثُمَّ تَكونُ مُلْكاً عاضّاً، فَتَكونُ
ما شاءَ اللّهُ أنْ تَكونُ، ثُمَّ يَرْفَعُها اللَّهُ إذا شاء أنْ يَرْفَعَها، ثُمَّ
تَكونُ مُلْكاً جَبْرِيّاً، فَتَكونُ ما شاءَ اللّهُ أن تَكونَ، ثُمَّ يَرْفَعُها إذا
شاءَ أنْ يَرْفَعَها، ثُمَّ تَكونُ خِلافَةً على مِنهاج النُّبوَّةِ. ثُمَّ سَكَتَ
" رواه أحمد .
ومن السنن الكونية أيضاً أن الله تعالى
جعل لكل شىء سبباً حيث قال سبحانه" وآتيناه من كل شىء سبباً " الكهف 84
.
قال الإمام البغوى رحمه الله تعالى :
والسبب ما يوصل الشىء إلى الشىء (1) .
ولما كان تفعيل الخلافة هو دور كل مسلم
وجب على الجميع العمل على ذلك لكن الأمر يعود إلى أسباب وخطط نحاول فى هذا البحث
المتواضع أن نضرب بسهم فى بيان شىء منها وسينتظم الحديث فى هذا البحث حول ما يلى :
الفصل الأول : تمهيد ويشتمل على
مصطلحات الدراسة
الخلافة .. الإمامة ... الرئاسة
الفصل الثانى : أسباب عودة الخلافة
المبحث الأول-- : الأسباب المعنوية
المبحث الثانى : الأسباب الاقتصادية
المبحث الثالث : الأسباب التربوية ( إقامة الفرد – المجتمع –
الدولة – الخلافة الإسلامية )
المبحث االرابع : الأسباب العسكرية
سائلاً الله
تعالى التوفيق والسداد والحمد لله رب العالمين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)
معالم التنزيل ج5 ص 199
تمهيد
أولاً
: مصطلحات الدراسة :
جاء
فى أساس البلاغة مادة خ ل ف :
خلفه:
جاء بعده خلافة، وخلفه على أهله فأحسن الخلافة. ومات عنها زوجها فخلف عليها فلان إذا
تزوجها بعده. وخلفه بخير أو شرّ: ذكره به من غير حضرته. وخلفه: أخذه من خلفه. وخلف
له بالسيف: جاءه من خلفه فضرب عنقه به (1)
ولو
رجعنا إلى الأصل اللغوي لكلمة خليفة لوجدنا " أن الخليفة في الاستعمال اللغوي،
هو من يقوم مقام الأصل الذي ذهب كما يقوم الخلف بعد السلف " والخليفة: السلطان
الأعظم ويؤنث كالخليف، والجمع خلائف وخلفاء، وخَلَفَه خلافة: كان خليفته وبقي بعده.
" واستخلف فلان من فلان: جعله مكانه..وخلف فلان فلاناً إذا كان خليفته. يقال خلفه
في قومه خلافة.
وأما
المعنى الاصطلاحى فهى هي رئاسة عامة للمسلمين جميعاً في الدنيا لإقامة أحكام الشرع
الإسلامي وحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم .
ومن
هذا التعريف نجد أن مهمتها فى الأرض تبليغ الدعوة وإقامة الشرع حسب ما أنزل الشارع
الحكيم سبحانه وتعالى ، فهى فرع عن النبوة وأثر من آثار الوحى الشريف .
والخلافة
بمادتها قد وردت فى القرآن الكريم فى أكثر من موضع :
"
وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة " البقرة 30
"
يا داود إنا جعلناك خليفة فى الأرض فاحكم بين الناس " ص 26
"
وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض " النور 55
فالواضح
من الآيات أن الخلافة يناط بها تحكيم الشرع والقيام على شئون الناس وكذلك الجهاد
وإصلاح أمور الرعية .
ـــــــــــــــــ
(1)
أسرار البلاغة ج1 مادة خلف ص 122
(2)
معوقات الخلافة الإسلامية وسبل إعادتها ص7
ب _ الإمامة :
فهى
لغة: مصدر من أمّ والإمام كل من ائتم به قوم كانوا على الصراط المستقيم أو كانوا ضالين،
والجمع أئمة، وإمام كل شيء قيّمه والمصلح له، والقرآن إمام المسلمين.
أما
معناها اصطلاحاً: يقول أبو الحسن الماوردي: " الإمامة: موضوعة لخلافة النبوة في
حراسة الدين وسياسة الدنيا " وقال التهانوي في كشافه - كشاف اصطلاحات الفنون
- " الإمامة عند المتكلمين: هي خلافة الرسول عليه السلام في إقامة الدين وحفظ
حوزة الإسلام بحيث يجب اتباعه على كافة الأمة والذي هو خليفته يسمى إماماً "(1)
وجاء
فى التعريفات " الإمام الذي له الرياسة العامة في الدين والدنيا جميعا
"(2)
الرئاسة
:
جاء
فى قاموس المعانى :
رئاسة
من رأس على أو أصبح رئيسهم وهو منصب الرئيس .
وهو
لفظ حادث يمكن أن يؤدى نفس المعنى لكلمتى الإمامة والخلافة ، ولقد ظهر لفظ الرئيس
حين تقسمت الدول ( دول الخلافة إلى دول متفرقة على رأس كل منها حاكم يسمى الرئيس )
،إذ اعتاد الناس قبل ذلك أن يسموا حاكم الدول الإسلامية خليفة .
تظهر
أهمية الخلافة في حياة المسلمين إذا علمنا أنه لا قيام للدين وأحكامه على الوجه الأكمل
إلا بها، ولا أمن ولا أمان للمسلمين ولديارهم من أعدائهم إلا بها، ولا رادع للظالمين
وقاطعي الطريق إلا بها، لذا فقد أُثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
" إن الله ليزع - أي ليردع - بالسلطان مالا يزع بالقرآن " فالقرآن الكريم
لا بد له من قوة وسلطان يحميه ويفرضه على الناس، ويرعاه ويتعاهد أحكامه وشرائعه.. فالقرآن
وسيف السلطان يسيران جنباً إلى جنب يؤيد بعضهما البعض، وأيهما يتخلف عن الآخر فإن مسيرة
الإسلام - لا محالة - سيعتريها الضعف والنكبات والانتكاسات.
قال:
- صلى الله عليه وسلم -" إنما الإمام جُنَّةً يُقاتَلُ من ورائه، ويُتقى به
".
وعن
أبي بكرة قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:" السلطان ظل الله في
الأرض فمن أكرمه، أكرمه الله، ومن أهانه، أهانه الله "
فالسلطان
المسلم العادل ظل الله في الأرض؛ والخلافة، والسلطان، والدولة وغير ذلك من معاني الشوكة
والقوة كلها تدخل كوسائل مباشرة وهامة لتطبيق أحكام الله تعالى وشرائعه في الأرض، وبه
تُحفظ حرمات الدين، وتعلو راياته.
ـــــــــــــــــــ
(1)معوقات
الخلافة سبق ذكره
(2)
التعريفات لعلى بن محمد الجرجانى _باب الألف ص53 .
ولاشك
أن الغاية الجوهرية من قيام الدولة الإسلامية هي إيجاد الجهاز السياسي الذي يحقق وحدة
الأمة الإسلامية وتعاون أفرادها, ويتابع تطبيق أحكام الإسلام وتنفيذها، ومراقبة سيرها
التطبيقي في شتى مجالات الحياة وهذا لا يتم إلا بنصب الخليفة أو الإمام.
والفوضى
التى يعيشها الناس لا يعيشونها إلا فى حاجة الفراغ السياسى ، إذ لا حاكم ولا آمر
ولا ناه .
الخلافة الإسلامية
حماية للدعوة ، ولمن تدين بالإسلام ، وهى الذراع السياسى لهذه الدعوة ، إذ كان من
الممكن أن يبقى النبى صلى الله عليه وسلم داعياً إلى الحق بلا حروب ولا جهاد ،
ولكنه لا يريد لمن أسلم وآمن أن يحيا إلا تحت حكم يضمن له سلامة معتقده والحفاظ
على حياته ، لذا كانت فرضة الجهاد تفتح البلدان ليسمح للإسلام بالانتشار ، وليس
معنى هذا أن لا يكون الجهاد إلا بالسيف ! لا بالكلمة والقدوة ، حتى تتحول الحكومات
الفاسدة إلى حكومات مؤمنة تقية ترعى مصالح البلاد والعباد .
"ن أجل هذا كله
كان نصب الخليفة واجباً على الأمة ، يختلفون فيما بينهم هل هذا الوجوب شرعى أم
عقلى ، المهم أنهم لا يشكون فى كونه واجبا وقد شذ قوم فقالوا بعدم وجوب تنصيب
الإمام لا عقلاً ولا شرعا فلا التفات إلى ما قالوا ومن هؤلاء الأصم من المعتزلة
وبعض الخوارج "(1)
وتتجلى أهمية الخلاف
بدورها فى حماية الدين فى قوله تعالى فى سورة النور " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ
آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا
اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى
لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ
بِي شَيْئاً } (النور:55)
فالدين الذى سيمكن ،
هو الدين الذى ارتضاه الله لهم ، وليس وليد هوى ، والعبد إما أن يكون فى استجابة
للوحى أو فى استجابة للهوى ، قال الله تعالى :فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما
يتبعون أهواءهم " .
ويقول " أفريت من
اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم " .
وفى الآية ما يذكرنا
أيضا بأن الإيمان أساس لهذا التمكين ، فتحقيق التوحيد من أقوى الأسباب إلى النصر والتمكين
والاستخلاف، والعكس كذلك فإن من أكبر أسباب الهزيمة والفشل والذل انتفاء التوحيد، وعدم
تحققه في أنفسنا وجماعاتنا وحياتنا.. قال تعالى: { إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ
وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } (محمد: 7). أي إن تنصروا الله بطاعته وعبادته، وتوحيده،
ينصركم على أعدائكم بتأييده
ــــــــــــــــــــــ
(1)
راجع الإسلام وأصول
الحكم .على عبد الرازق ص 6
الفصل الثانى : عودة الخلافة
كما قررنا سلفا ً لكل شىء فى الحياة سبب ، ونحن إذ ننشد
عودة الخلافة لا بد علينا أن نتذكر دائماً أن هناك أسباباً يجي علينا أن نعيها
جيداً وأن ننفذها بطريقة جيدة لنتمكن من إعادة وإقامة الخلافة مرة أخرى .
والعاقل هو الذى لا ييأس أبداً ولا يمل من العمل على
إعادتها ، وكما يقول د/ محمد عمارة متحدثاً عن علماء الإسلام ودعاته وفقهائة يقول
" فإن زلزال إسقاط الخلافة الإسلامية لم يذهب بصوابهم ولم يمنعهم من التفكير والتخطيط لإعادة إحياء
الخلافة ولكن فى ثوب جديد يراعى ظروف العصر ويلائم ما طرأ على الواقع الإسلامى من
مستجدا ت " (1)
ونق عن السنهورى باشا تأكيده على أن الخلافة الإسلامية
حتى يتم بعثها من جديد فلا بد من أن يسبق هذا نهضة اقتصادية ولغوية وقانونية تربط
الأمة الإسلامية ودولها الوطنية والقطرية ، وتمهد لقيام الخلافة كنظام سياسى جامع
، وعصبة أمم إسلامية .
المبحث
الأول : الأسباب المعنوية :
وفى هذه الخطوات التالية نرسم خطة النصر المنشودة التى
نثق بحسن ظن فى الله تعالى أن يجعلها سبب عودة الخلافة ، والجانب المعنوى هو أول
الخطوات التى يجب التركيز عليها فى خطتنا للخلافة ، فالانهزامية فى حياة الناس أمر
معلوم وللأسف إلا من رحم ربى وعصم ، هي الشخصية
التي تتمتع بضعف في العزيمة
ولا تخطط وتتحدث أكثر مما تفعل قليلة الفعل كثيرة الكلام كثيرة الشكوى
ضد الظروف وتنحني امام ابسط العواصف ت ؤعاني من تسلط اسري في الطفولة
وقهر في البيت وخضوع للغير في كل نواحي الحياة (2)
ــــــــــــــــــ
(1)
إحياء الخلافة
الإسلامية د/محمد عمارة ص 38
(2)
موسوعة ويكيبيديا الحرة
وهذا المرض العضال سببه عدم الثقة بالنفس وهو أول الأمور
التى يجب أن نراعيها جيدا ، وأن نعل على علاجها ف أصحاب الهمة العالية هم الذين يقوون على البذل
في
سبيل المقصد الأعلى، و يبدلون أفكار العالم،
ويغيرون مجرى الحياة بجهادهم وتضحياتهم، ومن ثَمَّ فهم القلة التي تنقذ
الموقف، وهم الصفوة التي تباشر مهم" الانتشال السريع " من وحل الوهن، و
وهدة الإحباط (1)
تتمثل الانهزامية أيضاً فى تمسك أفراد الأمة بالحياة
الدنيا دون نظر إلى الآخرة ( إلا من رحم الله تعالى ) ولذا تجدهم بعيدين كثيراً عن
طلب المتاعب فى سبيل إعادة الخلافة وهو متمثل فى حديث النبى صلى الله عليه وسلم عن
إصبة الوهن الذى هو حب الدنيا وكراهية الموت .
البعد عن المتاعب هو شعار هذه الطائفة العريضة من الناس
، لذا يجب أن نعالج كل هذا ، بإحلال الثقة محل الانهزامية .
وذلك عن طريق إعادة الذاكرة بالناس إلى البداية التى بدأ
الإسلام يوم كان النبى صلى الله عليه وسلم واحداً وحيداً لكن همتهالعالية وثقته فى
الله تعالى والتى ليس لها حدود ، ساعدته على إتمام مهمته ، وتبليغ رسالته وتحقيق
الهدف المنشود الذى ثابر وصابر وقاتل من أجله ، إنه الخلافة .
يشمل كل ما يدخل في بناء الإنسان إيمانياً، وثقافةً، وأخلاقاً..
وهنا نود أن نشير إلى أمرين مهمين يدخلان دخولاً أساسياً في معنى الإعداد المعنوي،
وهما:
أ- العمل الجاد الدؤوب على تحقيق التوحيد - بكل
أنواعه وفروعه المقررة عند أهل السنة والجماعة - في الأمة، وبخاصة في الطائفة التي
تستشرف مهمة الدعوة والعمل من أجل نصرة هذا الدين، وإعلاء كلمته في الأرض .
ب-
العمل
الجاد من أجل تكوين وإيجاد الطليعة النخبة التي ترقى إلى مستوى هذا الدين(2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)
مقال علو الهمة نقلاً عن موقع صيد الفوائد الإلكترونى
(2) معوقات الخلافة . مرجع سابق
لقد خرج الاستعمار بقوته العسكرية من البلاد لكنه خلف
التبعية فى كثير من الناس ، مم أدى إلى ذوبان شخصيتهم وتبعيتهم لغيرهم ، والسب فى
هذا هو حركة التغريب التى مرت بكثير من المراحل فى ديار المسلمين ، مما أكسب الناس
صفة التبعية ، وأنساهم أنهم كانوا يوماً من الأيام قادة العالم كله ، فتولد من
جراء ذلك كسر معنوى ، حمل الناس على التقاعس والجلوس ، ومهمتنا فى هذه المرحلة هى
إعادة الثقة للمسلمين مرة أخرى عن طريق تغيير الثقافات والقناعات التى تحتفظ بها
أذهان الكثير .(1)
المطلب الثانى : الجاني الاقتصادى
لازلت أستحضر ما نقله الدكتور عمارة عن السنهورى حين
تكلم عن الخلافة وذكر أنها تحتاج إلى نهضة اقتصادية ، وهذا لا شك فيه ، فالله
تعالى يقول "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل " الأنفال
والإعداد هنا وهو يتكلم عن الإعداد العسكرى (من قوة ومن
رباط الخيل ) ، يتوقف توقفاً كبيراً على حجم النهضة الاقتصادية ، لأن الإعداد
العسكرى يتوقف على الاقتصادى ، بل لا أكون مبالغاً إذا قلت أن كل الجوانب التى يجب
دعهمها وتغيير القناعات بها تتوقف كلها على الجانب الاقتصادى والنظام الاقتصادى فى
الإسلام هو :
مجموعة الأحكام والقواعد والوسائل التي تطبق على النشاط الاقتصادي
في المجتمع المسلم –كما سبق أن طبق على امتداد التاريخ الإسلامي –لحل
مشاكله الاقتصادية في النواحي الإنتاجية والتوزيعية والتبادلية كما يتضمن
هذا النظام ما يتعلق بتوزيع الثروة وتملكها والتصرف فيها. فقد جاء الإسلام
بمبادئ وأصول معينة تنطوي على سياسة اقتصادية متميزة ، وقد جرى تطبيق
هذه المبادئ وتلك السياسة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم بدقة والتزم
بها بعده الخلفاء .
ــــــــــــــ
(1)راجع الإسلام والحضارة الغربية د/محمد محمد حسين
وحتى يكتب لأى مؤسسة
من المسسات بقاء واستمرار لا بد أن يكون لها ميزانية اقتصادية كبيرة وهذا يتأتى
لنا من خلال :
زيادة الإنتاج من
المستهلكات والصادرات .
الاعتماد على المنتجات
المحلية والسعى نحو الاكتفاء الذاتى حتى يكون قرار الأمة من رأسها ، دون أى مؤثر
خارجى .
العمل على زيادة الصادرات ، وذلك لإشعار القوى العالمية
بقوتنا وتحركنا نحو إعادة ملك الإسلام الكبير
الربط بين السياسة
والاقتصاد لأن دور الساسة الكبير يعتمد على اقتصاد كبير ، وهذا ما يشير إليه أسامة
شريف غفى مقال له بجريدة الدستور يقول :" لا
يمكن عزل الاقتصاد عن السياسة رغم ان غالبية شعارات الحراك
الشعبي ومطالب الأحزاب تركز على الاصلاحات الدستورية والسياسية. هناك ملفات
الفساد التي تثير نقمة شعبية
مبررة
كونها تتعلق بالعبث بموارد الدولة وهدر اصولها واستغلال البعض مواقعهم بغرض الاثراء
غير المشروع. وهناك من ينادي بمراجعة ملف التخاصية والتحقق من مصير ملايين الدنانير التي دخلت
خزينة الدولة في فترة ما وصرفت على مشاريع فاشلة. لكن الاصلاح السياسي
المنشود يجب ان لا يؤجل خطط التعافي الاقتصادي " كما يعيب شريف على الحكومة
أنها لم تقدم مشروعاً اقتصادياً للخروج من الأزمة فيضيف : " في حقيقة الأمر،
اننا انشغلنا
بالاصلاح
السياسي، الذي التزم به صانع القرار والحكومة، لكننا لم نعط الشأن الاقتصادي ما يستحقه
من اهتمام. لم نسمع من الحكومة خطة او برنامجا طموحا للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية التي
تحولت الى كساد في كثير من
القطاعات.
ورغم ان وزير المالية تراجع عن تصريحات صحفية قاربت بين وضع اليونان والاردن، الا
ان الارقام والمعطيات الاقتصادية تشير الى اننا نتجه الى استحقاق قد لا يكون بعيدا عن سيناريو
اليونان وغيرها من الدول
الأوروبية
المأزومة "(1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)مقال بجريدة الدستور 5 / 4 / 2012
ونحن إذ نضرب مثالاً عن هذه الاقتصاد الذى تقوم به
الخلافة نتذكر مثلاً الاقتصاد فى عهد الخلافة الأموية بالأندلس ، حيث يذكر مركز
دراسات الأندلس وحوار الحضارات " عرفت الأندلس في عهد عبدالرحمن الناصر بأنها
أغنى دولة في العصور الوسطى نتيجة ازدهار الزراعة والصناعة والتجارة
وكثرة أموال الغنائم، والأخماس، ودخلت البلاد طوراً من الرخاء والغنى لم
يسبق أن وصلته في عصورها السابقة " و "واستغل الأندلسيون الثروات
الطبيعية فاستخرجوا المعادن المختلفة كالذهب والفضة والرصاص والحديد والزئبق والبلور
والكبريت والملح، واشتهرت مناطق بعينها بمثل هذه المعادن فالفضة والنحاس
كانا يستخرجان من المناطق الشمالية من قرطبة ولوشة وتدمير، والزئبق من جبال
البرانس، والقصدير من اكشونية، والبلور من لورقة. واشتهرت جبال قرطبة وباغة
بأنواع الرخام الجيد وسرقسطة بالملح الأبيض الصافي " (1)
فالزراعة والصناعة والتجارة أمور لا تنفك أبداً عن القوة
الدينية والاجتماعية والمعنوية التى يجب أن يتسلح بها الإنسان ، ولذا كانت فرضاً
على الأمة أن تقوم بها فإن وقعت وقع الإثم على الجميع ، هذا بالإضافة إلى أن
الله تعالى أمرنا باستعمار الأرض فقال " هو الذى أنشأكم من الأرض واستعمركم
فيها " هود
والقوة الاقتصادية
لن تكون إلا باستخدام الثروات التى وضعها الله تعالى فى العالم الإسلامى ، ففى
مجلة إعمار – فلسطين – وفى عددها الأول فى جمادى الأولى 1430 هـ تقول أن هناك من الثروات الكثيرة مما يمكن
استخدامه فى العالم الإسلامى فالعالم الإسلامى يشكل حوالى 23.7 % من سكان العالم أى حوالى 1.5 مليار
نسمة بينما حجم التجارة العالمية لدول العالم الإسلامى تمثل 8.62 % من حجم التجارة العالمية وهو يمتلك الثروات
التالية :
ــــــــــ
(1) تاريخ العرب
وحضارتهم في الأندلس د. خليل إبراهيم السامرائي، د. عبد الواحد ذنّون طه، د. ناطق
صالح بتصرف
93% من تمر العالم
17 % من الأرز فى العالم
65 % من النفط فى
العالم
31 % من السكر فى العالم .
51 % من الغاز الطبيعى فى العالم .
والهدف الذى من أجله لا بد من النظر فى اقتصاد العالم
الإسلامى ، هو إشعار الدول الأخرى أننا لسنا تابعين لأحد وأن ديينا الذى نحيا به
هو سبب عزنا وكرامتنا ، وما كان من قصور فى حياتنا لم يكن بسبب إسلامنا ولكن بسبب
بعدنا عن تعاليم ربنا الذى أنزل الوحى وخلق الأرض ويعلم ما فيها من نفع للإنسان
وما فيها من ثروات وخيرات .
"تعتمد معظم الدول الإسلامية في اقتصادها
على الزراعة إلى حد كبير، وتحصل منها على معظم ناتجها القومي باستثناء
الدول البترولية التي تعتمد في تاريخها القومي على البترول برغم توفر
مقومات الإنتاج الصناعي حيث تتوفر المعادن بأنواعها كالتصدير والحديد والفوسفات
والمنجنيز .. وغيرهما، وبكميات اقتصادية، وتوفر الأيدي العاملة والمناخ
المعتدل، والسوق الكبير، ويتضح اعتماد الدول الإسلامية على حرفتي الزراعة،
والرعي من ارتفاع نسبة المشتغلين بالزراعة فيها
وتتوافر مقومات الزراعة في كثير من أنحاء العالم
الإسلامي من مناخ ملائم ،وتربات خصبة، وموارد مياه كافية. وإذا كان الإقليم
الصحراوي الجاف وشبه الجاف يشغل مساحة كبيرة من العالم الإسلامي فإن الأمطار
مواتية للإنتاج الزراعي في باقي الأقاليم
وفضلاً عن ذلك فإن
الزراعة تقوم في بعض البلاد
الإسلامية
على الري من الأنهار، في مقدمتها: نهر النيل فى مصر، ونهر السند في باكستان، ونهرا
دجلة والفرات في العراق وسوريا ونهرا سيحون وجيحون بآسيا الوسطي الإسلامية، وقد حظيت هذه الأنهار
باهتمام كبير بفنون الرى فأقيمت عليها السدود والقناطر وشبكات الترع
والمصارف.
وشهدت أحواض هذه الأنهار تقدماً فائقًا فى الزراعة، بل إن بعضها كان
مهدًا لحضارات زراعية عريقة فى تاريخ الحضارة البشرية.
وأهم الحبوب الغذائية: القمح والأرز والذرة الشامية
والشعير ويبلغ مجموعة إنتاج العالم الإسلامي من القمح نحو 50 مليون طن،
وهذا يعادل نحو 10% من مجموع الإنتاج العالمي. وتستأثر تركيا وحدها بنحو
ثلث إنتاج العالم الإسلامي، تليها باكستان التي تسهم بنحو ربع الإنتاج،
وتليها فى الترتيب إيران وأفغانستان. أما الدول العربية الإسلامية فتتصدرها
المملكة العربية السعودية ومصر والمملكة المغربية والجزائر وسوريا.
وأهم الدول الإسلامية المصدرة للقمح تركيا. أما سائر الدول فتستورد احتياجاتها
أو تستكمل احتياجاتها من الخارج. وتفوق واردات العالم الإسلامي من
القمح صادراته بكثير.
وينتج العالم الإسلامي فى مجموعة نحو 70 مليون طن
من الأرز، وهذا يعادل نحو 17% من الإنتاج العالمي. ويكاد يتركز الإنتاج فى
منطقة جنوب شرق آسيا. وتتصدر إندونيسيا وبنجلاديش الدول الإسلامية، إذ تستأثران
وحدهما بنحو ثلثي إنتاج العالم الإسلامي، وتأتي بعدهما باكستان وماليزيا.
وتعد مصر أكبر منتج للأرز فى العالم الإسلامي خارج منطقة جنوب شرق
آسيا" (1)
من هنا يجب على الساعين نحو الخلافة ، أن ينتبهوا جيداً
إلى القوة الاقتصادية التى يجب عليهم أن يستفيدوا منها ، حتى يكون قرارهم من رؤسهم
لا من رؤوس من يطعوموننا ، بذلك يقترب الطريق من الخلافة .
ــــــــــــــــ
(1) راجع د. اسماعيل هاشم. مبادىء الاقتصاد التحليلى ص198، أحمد النجار بنوك بلا فائدة ص51
المبحث الثالث : الأسباب التربوية :
الخلافة عبارة عن مجموعة من الدول ، والدول عبارة عن مدن
ومحافظات وقرى ومناطق ، وكل منطقة عبارة عن مجموعة من الأسر ، وكل أسرة فى الحقيقة
هى فرد ، إما رجل أو امرأة ، ونحن إذ نحاول اليوم ان نصل بالطريق إلى الخلافة لابد
من إعداد الكوادر التى تساعد فى ذلك ، لأن رأس مالنا فى كل هذا هو الشعب بأفراده ،
فم الذين سيعملون على تغيير الجانب المعنوى وهم الذين سيساعدون على استخدام
الثروات وهم الذين سيعملون على استخدام كل هذه الإمكانات من أجل الوصل إلى هدفنا
المنشود وهو عودة الخلافة .
الفرد هو الأساس فى عملية بناء المجتمع ، إذا صلح الفرد صلح
المجتمع .
والناظر فى أمر الخلافة الأولى حين بعث النبى صلى الله
عليه وسلم يجد أنه كان وحيداً فبدأ بالأفراد ثم الأسر ثم المجتمع ثم الدولة ثم
بدأت الخلافة الإسلامية تتسع وتتسع ولنلق الآن ضوءاً للاستدلال على هذا :
فى كتابه الدولة الإسلامية يتحدث الدكتور محمود الصاوى
حول الخطوات التى اتخذها النبى صلى الله عليه وسلم من أجل إقامة هذه الدولة
الإسلامية فيبين انه بدأ فى مكة بتربية الشعب حيث كان الناس أفراداً مندمجين فى
المجتمع المكى ولم يكونوا أمة مفصلة ولم تكن لهم أرض يمارسون عليها سياستهم
فيقيمون حكومة ترعى مصالحهم وتنفذ شرعهم ولكن النبى صلى الله عليه وسلم كان يجمع
الناس على هذا الدين تمهيداً لإقامة الدولة المرتقبة ، ولم يقتصر الأمر على هذا بل
بحث لهم عن مكان آمن فكانت الهجرة إلى الحبشة حيث لا يظلم أحد عند ملكها ، ثم يذكر
الدكتور الصاوى خمسة أسس تشمل الخطة التى تبناها الرسول الكريم من أجل إقامة
الدولة :
1-
السرية
: حتى لا يحرم المسلمون الجدد من التربية وتزكية النفس بسبب مصادمات
2-
تحريك
دعاة قادرين على الإقناع ولهم مكانة بين قومهم كأبى بكر رضى الله عنه
3-
التركيز
على إسلام بعض الكوادر كعمر بن الخطاب رضى الله عنه .
4-
الهجرة
حتى تتهيأ الفرصة وتوجد الأرض
5-
إرجاع
كل من اسلم من القبائل العربية خارج مكة إلى بلده (1)
من هنا نجد التدرج الذى عمل من خلاله النبى صلى الله
عليه وسلم من أجل أن يكون هذا الشعب صاحب قضية يتبناه يدافع عنه وينافح من أجله ،
وإلا فما المستفاد حين تكون ببلد تريد الحكم بالشريعة وشعبها مسلم وليس إسلامياً
أى ليس معداً إعداداً إسلامياً !
إن تربية الأفراد هو الطريق إلى إقناعهم بالمسألة
المطلوبة، وتحمل الرسالة المرجو إتمامها وتبليغها و "إن إقناع أي شخص بهدف ما،
أو بنتيجة لقضية مهمة، بحاجة إلى تهيئة الجو الملائم أو المناسب لعرض الموضوع، حتى
يسهل إبراز الغاية السامية، فيتقبلها المتلقي بصدر رحب وقلب واع ونفس رضية، لذا أرى
لزاما توضيح المفهوم من عنوان بحثي هذا ليظهر المضمون، وينتقل القارئ إلى المباحث المعروضة
على بينة ويستوعبها بسهولة وسرعة "(2)
وأسهل الطرق إلى رسم
توجهات المسلم هو استخدام القرآن الكريم بأسلوبه الرائع فى التربية ، ومراعات أن
الحكمة من إنزال هذا الكتاب الكريم هو هداية البشرية قال الله تعالى "ذلك
الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين " البقرة2 . ففى القرآن توجيه ، ونصح وإرشاد
نحو المعالى فى المعتقد ليتربى المسلم على الطريق المستقيم .
ـــــــــ
(1)
الدولة الإسلامية د/
محمود الصاوى ص 73 ،74
(2)
التربية القرآنية
أثرها على الفرد والمجتمع د/محب الدين واعظ ص4
كما تستطيع من خلال الآيات الكريمة أن ترى الطرق التى
يوجه القرآن الكريم الناس إليها فمنها .(1)
1-
تكوين
الشخصية القوية للمسلم ، وتقوية نزعة
الفضائل فيه والعودة به إلى أصل الخلقة بتعليمه الثبات على الحق والجهر به وطيب
القول والصدق والإخلاص والسماحة واللين والأمانة والعدل ونحو ذلك .
2-
تهذيب
القرآن للتعامل مع الآخرين ،إذا امتثل المسلم وتخلق بأخلاق القرآن الكريم وتربى عليها
وطور نفسه إلى المعالي حَسُن له التعامل مع كل أفراد المجتمع بدءاً من أسرته
مروراً بالجيران إلى الشارع إلى أن يصل إلى ولى الأمر .
3-
النهى
عن الإفساد فى الأرض عموماً ، مع الأمر بالإصلاح فيها " هو الذى أنشأكم من
الأرض واستعمركم فيها " هود .
4- التربية
من خلال الدعوة إلى الاعتبار بالآخرة ، حيث العقيدة باليوم الآخر ، وإلا لكثر
الفساد فى الأرض ان اعتقد الإنسان أنه لا حياة له بعد بعث ليحاسب فيها على
ماقدم ، بل المسلم داما مع القرآن متذكر
للدار الآخرة التى سيجتمع فيها الخلائق ويقتص للجلحاء من القرناء ، ويحاسب الناس
على ما قدموا ، والآيات الكريمة إذ تتكلم عن اليوم الآخر تتكلم عن مقدماته وكل
مراحله التى يمر بها الناس من حياة البرزخ إلى الخروج من الأجداث إلى النتظر إلى
الميزان إلى الصراط ، إلى قنطرة المظالم ، وأحوال أهل الجنة وأهل النار وأهل
الأعراف وما يأكل أهل الدارين فيها وما يشربون ، وما يقولون .. الخ وكل ذلك من أجل
تربية المسلم تربية تتناسب مع الخلافة التى ينبغى أن يتحمل همها ورسالتها .
ـــــــــــــ
(1)
المرجع السابق
مما
سبق تستشعر أن المجتمع الذى يتربى على هذه التربية مجتمع يقبل أن تقوده الآيات
والأحاديث والبينات القادمة من الله الكبير .
ومما
ينبغى الإشارة إليه فى تربية المجتمع أفراداً وأسراً أن القرآن الكرين يربى الناس
بأسماء الله تعالى وصفاته ، فيتعلمون أن الله رقيب عليهم ، وأنه محيط بهم ، عليم
بأفعالهم ، بل إن أهم ما يجب أن يتعلمه الإنسان ويتربى عليه من هذه الأسماء أن
الله تعالى هو المشرع للكون لأنه خالقه ، فإن تعلق هذا الأمر بذهن وقلب الإنسان
قبل الدعوة إلى تطبيق الشريعة وإقامة الخلافة ، ومن هذه الأسماء اسم الله "
الكبير " والكبير هو العالم " قال الله تعالى حكاية عن النادمين "
وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل
"
و
وس هذه التربية الإيمانية سيجد المسلم أن اسم الله الكبير يأتى كثيراً بعد ذر
تشريعات " دستور " فمثلاً فى سورة النساء حين عالج الله تعالى قضية
الأزواج عند الاختلاف بدءاً من قوله تعالى " الرجال قوامون على النساء .. إلى
قوله تعالى إن الله كان علياً كبيراً .
سيتعلم
المسلم ويتربى على أن الله تعالى لا يقول إلا الحق ، قال تعالى "وَلَا تَنْفَعُ
الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ
قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ
" سبأ 23 .
وأن
الحكم لله العلى الكبير كما قال تعالى
"ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ
يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ "غافر
12
.
التدرج
من الفرد إلى المجتمع طبيعياً :
الناظر
فى استخدام النبى صلى الله عليه وسلم التربية القرآنية فى عمله الدعوى مع الأفراد
يلاحظ أن ذلك حمل بالطبيعى على إقامة الدولة المسلمة ، التى أعلن عنها النبى صلى
الله عليه وسلم حين انتقل إلى المدينة وذلك حين :
1-
آخى بين المهاجرين
والأنصار .
2-
اتخذ المدينة كمقر
رئاسى للدولة أو لانطلاق الدولة .
3- الدستور
الذى أقامه بين المسلمين واليهود بالمدينة والذى حماه المسلمون ولا شك ، استجابة
لأمر النبى صلى الله عليه وسلم ، وقد تضمنت الوثيقة أو الصحيفة أو الدستور ، علاقة
المسلمين مع بعضهم ، وعلاقة المسلمين باليهود ، ولو لم تكن هناك تربية إيمانية
لهوءلاء المؤمنين لما كانت هذه الاستجابة للشرع الذى بلغهم به النبى صلى الله عليه
وسلم.
أثر
التربية على مبدأ البيعة والشورى
الشورى ، مبدأ إسلامى متميز وأساس ثابت من أسس النظام
السياسى فى الإسلام تضافرت عليه نصوص القرآن والسنة المطهرة ، وطبقه رسول الله صلى
الله عليه وسلم فى حياته ، وأقام عليه أسس دولته ، وسار خلفاؤه الراشدون من بعده
على خطاه صلى الله عليه وسلم والشورى تذكير للأمة بأنها صاحبة القرار والسلطان ،
وتذكير للحاكم بأنه وكيل عنها فى مباشرة هذا السلطان .
قال الله تعالى لنبيه " وشاورهم فى الأمر " آل
عمران ، وقال تعالى " وأمرهم شورى بينهم " الشورى
والحق أن الأمة التى ترتبط إيمانيا وتتربى على هذا
المبدأ حرى بها أن لا تختلف ، وأن يتكلم باسمها أهل الحل والعقد ، الذين يفقهون ويفهمون
الأمور ويجرونها فى نصابها ،وهى نوعان :
شورى فى ختيار الحاكم ، والثانى شورى فى إدارة الحكم
مراقبة الحكام ، وقد جاء فى السيرة المباركة كثير من الأحاديث التى تحض على
الاستنارة بمشاورة أهل الخبرة فى كل الأمور مهما كانت ، ويظهر ذلك من قول النبى
صلى الله عليه وسلم حين نزل قول الله تعالى " إن كنتن تريد الحياة الدنيا
وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً " ، حيث قال لعائشة رضى الله
عنها : لا تحدثى أمراً حتى تستأمرى أبويكى " أى حتى تشاورينهما .
الجانب العسكرى
حين نتكلم عن التربية التى ينبفى أن نربى بها الأفراد
والمجتمعات ، وعن الدعوة التى ستحول الدنيا إلى خلافة على منهاج النبوة ينبغى لن
أن لا نغفل أمراً هاماً جدا وهو الجانب العسكرى الذى يقوم على حماية الدعوة
والرسالة ، ولاشك أن دعوة النبى صلى الله عليه وسلم كان لها جناح عسكرى مهمته
حماية المسلمين ، والحركة الدعوية لتوسيع الفتوحات ، وما هى إلا لرد عدوان
المعتدين أو مانعى الدعوة من الدخول إلى بلادهم ، وهذا الجناح العسكرى يتمثل فى
عبادة الجهاد .
فعن عبد الله بن مسعود قال قلت يا رسول الله اي الأعمال احب
الى الله عز و جل قال ان تصلي الصلوات لمواقيتها قلت ثم اي قال بر الوالدين قلت ثم
اي قال الجهاد في سبيل الله ولو استزدته لزادني "
و عن سهل بن سعد الساعدي ان رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها والروحة يروحها العبد في سبيل الله
عز و جل او الغدوة خير من الدنيا وما عليها " .
ونحن إذ نتكلم عن الخافة وإعادتها وتوسيع الرقعة
الإسلامية على الأرض ينبغى أن نربى فى نفوس الأفراد أن الجهاد عبادة من العبادات
وذلك بتعليمهم أحكام الجهاد وفضائله ، حتى لا يستطيع الشيطان أن يوسوس للمسلم بترك
مثل هذه العقيدة والعبادة ، فالمسلم دائماً يقول " قال هل تربصون بنا إلا
إحدى الحسنيين ".
خطوات الاعتماد على الجانب العسكرى فى إعادة الخلافة :
أولاً : العمل على
تطويره الدائم : من خلال ارسال البعثات واستقبال الخبرات من وإلى
دور العالم الإسلامى ،
وسيسهل هذا بعد إعلان إقامة سوق إسلامى دولى خاص بالدول الإسلامية فقط ، فنستقبل
الجنرالات والخبراء الحربيون من الدول الإسلامية خاصة الدول التى تحمل نفس الهدف
من عودة الخلافة وإقامة الشريعة .
- علينا أن نقوم بتطوير المؤسسة العسكرية من
خلال زيادة عدد الجنود بالداخل ، وفتح أبواب الدخول تلبية لرغبة المتطوعين ، مع إيجاد
راتب مناسب لهم ، لا أن يكون التقدم جبرياً ، أو أن نجعله جبيراً لكن فى نفس الوقت
ترتفع أجور الجنو وتفتح الفرص لمريدى التطوع بالقوات المسلحة ، وذلك من أجل
استقطاب أكبر عدد من الناس .
- تقسيم الجيش إلى أكثر من جانب للتأكيد على
اكتساب مهارات أكثر ، فنقسم الجيش إلى ( بحرى ، جورى ، برى ) ، ثم تقسيم كل قسم
إلى عدة أقسام داخلية لتوفير أكبر قدر من الإمكانات .
- تربية أفراد الجيش تربية إيمانية خاصة ، حتى
يكون بقاؤه فى المؤسسة العسكرية نابعاً من إيمانه بالإسلام ورسالته ، فالقرآن قد
اهتم بهذه التربية الإيمانية العسكرية كثيراً وهذا ظاهر فى ذكر قصص الأنبياء
وجنودهم من قبل فى مثل قول الله تعالى " وكأين من نبى قاتل معه ربيون كثير
فما وهنوا لما أصابهم فى سبيل اله وما ضعفوا وما استكانوا " هذه الآية من النماذج
المقتدى بها، ضربها الله للاعتبار والإقتداء، وقال الطبري عند تفسيرها: (عذلهم الله
عز وجل على فرارهم وتركهم القتال، ثم أخبرهم عما كان من فعل كثير من أتباع الأنبياء
قبلهم، وقال لهم: هلا فعلتم كما كان أهل الفضل والعلم من أتباع الأنبياء قبلكم يفعلونه
إذا قتل نبيهم ولم تهنوا ولم تضعفوا،
-
كما لم يضعف الذين كانوا قبلكم من أهل العلم
والبصائر من أتباع الأنبياء إذا قتل نبيهم)(1)
لماذا الجانب العسكرى ؟
لأن الدول التى لا تدين بالإسلام لن تدع لنا
الطريق سهلاً للوصول إلى الخلافة ، بل سيكودون كيداً وهذا الكيد إما أن يكون
معنوياً أو تربوياً أو عسكرياً ، فالحروب الصليبية التى تقوم على مبدأ دينى لا
تزال موجودة كما صرح بذلك " بوش " حين فعل ما فعل بأفغانستان والعراق ،
والجانب العسكرى أيضاً لأن الله تعالى أمر به فقال " وأعدوا لهم ما استطعتم
من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم " .
عن صالح بن كيسان، عن رجل من جهينة، يرفع الحديث
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم:(وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة)، ألا إنَّ الرمي
هو القوة، ألا إنّ الرمي هو القوة ، قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى مفسراً
للآية " أمر تعالى بإعداد آلات الحرب
لمقاتلتهم حسب الطاقة والإمكان والاستطاعة، فقال: { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ
} أي: مهما أمكنكم، { مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ }(2)
وقال الحبر سيدنا عبد الله بن عباس رضى الله
عنه "{ وَأَعِدُّواْ لَهُمْ } لبني قريظة وغيرهم { مَّا استطعتم مِّن قُوَّةٍ
} من سلاح { وَمِن رِّبَاطِ الخيل } من الخيل الروابط الإناث { تُرْهِبُونَ بِهِ }
تخوفون بالخيل { عَدْوَّ الله } في الدين { وَعَدُوَّكُمْ } بالقتل (3)
ـــــــــــــــــ
(1)التربية العقائدية
للعسكرية فى القرآن د/خالد بن إبراهيم الدبيان ص3 من المقدمة
(2)التفسير
العظيم ، الإمام ابن كثير الآية 60 من سورة الأنفال
(3)تفسير
ابن عباس رضى الله عنه
ضرورة
وجود جيش إسلامى موحد :
كثيراً ما نسمع عن حلف الناتو غير المسلمة ، والذى تم
إنشاء بوجه لخدمة وجه آخر ، أنشىء ليدافع عن المظلومين ، وحقوق الإنسان والوقوف
أمام الدول الدكتاتورية لخدمة الشعوب ، ولكن الحقيقة غير ذلك ، فحين يدخل الناتو
لا يكاد يفرق بين المدنيين والعسكريين .
ومن أهداف الجيش
الإسلامى الموحد :
أولاً :الدفاع عن بلاد
المسلمين من الهجمات الصليبية وغيرها .
ثانياً :تحقيق الأمن
الداخلى لبلاد المسلمين .
ثالثاً :الأخذ على يد
الظالم من البلاد الإسلامية ، بدلاً من تدخل غير المسلمين فى شئون الدول الإسلامية
.
رابعاً :حماية أسواق
التجارة التى يفترض إقامتها بين الدول الإسلامية ، فنحن فى حاجة إلى وحدة ثقافية و
وحدة عسكرية " نوعاً ما " و وحدة اقتصادية تتم عبر إقامة السوق العربية
المشتركة ثم تصدير أي منتج يزيد عن حاجة دولة عربية بعد التأكد من أن دولنا
العربية والإسلامية لاتحتاج إليها ، ولا شك أن هذا يقوم على أساس من الخبرة وبعد دراسات جدوى من رجال الاقتصاد .
شكراً لكم ع الموضوعات المتنوعة ...
ردحذفاللهم ارزقنا الخلافة
ردحذفشكرا ع الموضوع
ردحذفشكرا ع الموضوع
ردحذف