العلامة أحمد ديدات بقلم محمود عبد الله طراد

أحمد ديدات .. سمعت عنه وكنت على وشك اللقاء به
كلما تذكرت ذلك الرجل أشعر أنى فى اشتياق لرؤيته ، حيث الداعية الأول فى ذلك العصر ، عاش فى جنوب إفريقيا وأسس بها المركز العالمي للدعوة الإسلامية
وحاز على جائزة الملك فيصل عام 1986 م لجهوده فى الدعوة .
اشتهر الرجل بمناظراته ونقاشاته مع غير المسلمين فى معتقداتهم وأسلم على يديه عشرات الآلاف فى تلك البلاد المتعطشة إلى العلم ، أحمد ديات كان مثالاً لللشاب الطموح المكافح ، عمل والده بالزراعة ثم الحياكة وبدأ الشيخ العلامة فى مساعدة أبيه حيث عمل فى دكان للملح ، ثم عمل سائقاً فى مصنع وترقى من سائق إلى بائع حتى صار مديراً للمصنع حيث كان قد قضي فيه اثنى عشر عاماً
أحمد ديدات .. كانت أول معرفتى عن هذا الشخصية يوم التحقت بكلية الدعوة الإسلامية وفيها قسم للتخصص فى الأديان والمذاهب ، تحركت لزيارة أحد أصدقائي وقام بتشغيل جهاز الكمبيوتر لعرض مناظرة بين عالم مسلم وآخر نصرانى
وفوجئت فى مقدمة المناظرة " البرومو " بالنصرانى يكذب حين يستدل من نسخة الملك جيمس للإنجيل بشىء ليس فى نسخة الملك جيمس والعالم المسلم يكشف الكذبة ليقول له أمام الناس هذا ليس فى نسخة الملك جيمس ونسخة الملك  جيمس تنص على " begotten
ذهلت فى الحقيقة يومها كيف يكون ذلك الرجل على دراية بكتب الآخرين بهذا الشكل ، لقد كان سر تحول الشيخ إلى هذه الدراسة بعثة آدم التنصيرية التى وجهت له مجموعة من الأسئلة أيام وجوده فى دكان الملح ولم يستطع الإجابة عليها فقرر من يومها الاطلاح والقراءة وحدد لنفسه الهدف .
تتلمذ على محتويات كتاب " إظهار الحق لرحمة الله الهندى " ذلك الرجل الهندى الذى تناول الهجمة التنصيرية التى قام البريطانيون بها عندما احتلوا الهند لأنهم يعرفون أن كل المشكلات التى ستأتيهم ستكون عن طريق المسلمين فحاولوا تغيير ثقافة الشعوب آن ذاك من خلال الافتراءات الثقافية ، لقد كان العلامة ديدات المحاور الأول فى تلك المناظرات ، ترى ذلك جلياً فى مناظرته المشهورة مع جيمي سواجرت أو مع ستانلى أو مع كلارك أو مع أنيس شروش .
عاهدت نفسى على دراسة الأناجيل بعد أن رأيت هذا الرجل فحصلت على بعض النسخ الإنجليزية والعربية ، وبدأت المحاورة مع بعض المسيحيين الذين أقابلهم فى طريقى ، ودخلت ببيوت بعض المسيحين الذين قبلوا ذلك واستعرت منهم مجموعة من الكتب التى قرأتها وأعدتها إليهم بعد الاطلاع عليها .
وبعد أن تخرجت قمت بتصوير ما يزيد على 20 حلقة بقناة من القنوات فيها مناقشة لبعض قضايا العهد الجديد " الإنجيل " .
وكتبت كتيباً صغيرا فى هذا تم نشره فى عام 2008 بعنوان التوحيد فى القرآن والتوراة والعهد الجديد
لقد أثرت تلك الشخصية التى اتكلم عنها فى حياتى فحاولت الوصول إليها مراسلاً المركز العالمي الذى أسسه الشيخ ديات رحمه الله تعالى ولكن بلا رد .
فى عام 2008 التقيت أحد رجال الأعمال الذين يعملون بالتصدير وكان معظم عمله فى جنوب إفريقيا ، واسمه الأستاذ عبد الخالق ، وحينما أخبرني وكان كالأخ الأكبر لى ، حين أحبرني أنه يسافر إلى هناك كثيراً فحدثته عن الشيخ ديدات فقال لى إنه يعرفه وهو على علاقة بأحد المصريين الذين يعملون هناك وكانوا ملازمين للشيخ بل كانت المفاجأة أن يكون ذلك الرجل الذى يحدثني عنه هو من قام بدفن الشيخ ديدات بيده يوم وفاته ، لقد كانت القدر أسبق منى ، قد كنت يومها قادراً على السفر إلى الشيخ لو كان حيا لأني التقيت بأقرب الأسباب التى عساها أن توصلني له ولكن ماذا ينفع السبب إذا كان الرجل قد وافته المنية ، فتمنيت يومها أن لو كنت قد التقيت بهذين الرجلين فى وقت متقدم
أحمد ديدات ... قرر أن يتعلم حتى لا يقع فى الموقف الذى تعرض له من البعثة التنصيرية
أحمد ديدات قرر أن ينفع دينه فقرأ وتعمق وألف وكتب
أحمد ديدات قرر أن ينفع الناس بدعوته فأقنع الكثيرين بالحق وصبر وجالد
أحمد ديدات كان ابن المزارع والخياط المتواضع لم يمنعه فقره عن أن ينجز هدفاً أخلاقيا فى حياته
كم يفتقر العالم إلى مثل هذا الرجل فى علمه ودعوته وكم هدى الله تعالى على يديه من الناس فليكن كل منا على ثغر يتعلم ويعلم ويدعو ويصحح المفاهيم لدى الآخرين وعليكم بالصبر فإن مثل هذا الأمور تحتاج إلى مثابرة وأخلصوا فى نياتكم يفتح الله تعالى الطريق أمام دعوتكم
رحم الله الشيخ وأسكنه فسيح جناته وألحقنا به على خير آمين


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المذهب الفلسفى عند الفارابى وابن رشد بقلم محمود طراد

شرح قصيدة الحائية ... كتاب جديد

رداًعلى يوسف زيدان .. اختلاف القراءت القرآنية، بقلم محمود طراد