صديقي العزيز دعني أسألك !

لم يكن في ذهني أن أسافر إلي أبعد من مقر عمل يبعد عن منزلنا ساعتين بالسيارة !
ولكن الأقدار لا يعلمها إلا من كتبها وقضاها
حانت الساعة لأسافر . تاركا خلفي زوجة وبنتين وأبا وأما وأخا وأختين
كانت ضربات قلبي تزيد حينما أسمعها تناديني في الهاتف بابا بابا وهي بنت السنتين وكانت تزداد أكثر وأكثر حينما كانت تجلس ابنتي الكبري لتهاتفني وتسامرني بحديث فتاة في سن العشرين ! لا أدرى هل كانت تخفف عني بحديثها أم كانت تتعمد أن أشتاق إلي الجلوس معها عن قرب ! من يصدق أنني كنت أخاف أن أفتح سجل الصور علي هاتفي حتي لا تنزل دموعي التي لا أستطيع السيطرة عليها
ورغم أنها كانت مجرد شهور شعرت بعد مرورها أنها لم تلبث إلا قليلا لكنها كانت طويلة جدا وهي تمر فسبحان ربي
شهور بسيطة وقدمتا إلي ، ورأيت في أعين الكثير من المغتربين ابتسامته الكاشفة عن ما بداخله من الأسي حين يراني أحدهم ألعب مع ابنتي هاتين ، اقول في نفسي لعله تذكر أبنائه وبناته الذين لم يرهم منذ فترة ، إنه قلب الأب والأم الذي ينفطر كمدا وخوفا علي فلذة الكبد وما أن يكبر أحدنا أيها السادة حتي ينسي كل هذا
إن سر سعادتك في حياتك مرهون بابتسامة والديك فذلك هو العمل الذي توفي الخليقة جزاءه في الدنيا قبل الآخرة ، وكما تدين تدان
هل تتذكر حينما كان يمد يده ليقترض من جيرانه لتخرج وسط زملائك في مدرستك بملابس الجديدة ؟
هل فتحت الباب مرة فدخل أحدهم وطلب والدك أن يصبر عليه شهرا آخر ! إنه أحد الذين استدان منهم هذا الوالد حتي لا تشعر أنت بالجوع أو الفقر أو النقص
هل سمعته وهو يدعو لأحد الناس الذين ساعدوه يوما ما من كل قلبه لأنهم كانوا سببا في ابتسامتك ؟
دعني أسألك
متي ستكون سببا في ابتسامتهم


تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المذهب الفلسفى عند الفارابى وابن رشد بقلم محمود طراد

شرح قصيدة الحائية ... كتاب جديد

رداًعلى يوسف زيدان .. اختلاف القراءت القرآنية، بقلم محمود طراد