الجزء الثالث من رجولة فى زمن صعب بقلم محمود طراد
بدأت أحيا بنابهتى التى كانت لا تفرح أبى كثيراً لأنه وإن رأى ذكائى كان يرى تقصيرى ، كمثل قبطان بسفينته يجول ويصول داخل البحر لا يخشى العواقب ، لكنه لا يلبث وقت راحته غلا أن يلعب فى ( أرضية ) السفينة ، يأخذ الخشب يضىء ب ليله ويخشى البرد ، فهل تستقيم له الأمور ... لا أظن .
لكنها مشاغبات الصغار يا ابى .
الأول دائماً ... من غير مذاكرة حتى أن أقرانى بدؤا فى كراهيتى ، ومعرفش ليه ...
لكن يبدو انها السنة الكونية ، جيه لحد عندك يا منص ... وربنا يستر .
كان أحد من أصدقائى ، غير المقربين ، وفجأة بدأت نظراته تحمر ، واللون الأبيض حول الحدقة يتغير ، نظرات الأخوة بتاتت كباحث عن ثأر أبيه ، أو ربما أخيه .
ولا تسألنى عن السبب فأنا لا أعرف ...
حتى جاءت خالته كنت ارى أنها تحبنى كثيراً ويبدو أنها حضرت ما لم أحضر ، عمك أشرف مع ولده المذكووور .
" شافك بتصلى بالناس الكبيرة فى المسجد بتاع حتتكم ووراك كبار وصغار.... قال ياريته كان ابنى .
عاد الحاج أشرف ليصب غضبه على " الغلبان الصغير "
ليه مش زى صاحبك " سأله مستنكرا .
آآه والله يا بنى من حقك " كلمات عذرت بها صديقى "
حتى جمعتنا الأيام يوما فى طريق :
- على فين سألنى
- والله رايح اسمع الماتش
- هو انت مبتخليش حاجة إلا تعملها ، معرفش ازاى ليك فى كل حاجة .
- ابتسمت حتى أغير الموقف وغيرت الموضوع ، وساعتها علمت أن ما قالته لى خالته كان صدقاً .
اللهم اغفر لنا مالا يعلمون ।
رجولة فى وقت صعب
مرت الأيام لا كمرور الكرام ولكن كمرور القطار ، مزعجاً ركابه ومن مر عليهم ، بالضبط كانت تحدث التخبطات التى يمر بها الطالب الكسول حتى ولو كان نابغة .
كان أبى يغضب غضباً شديداً إذا علم أن ترتيبى على الفصل الثانى ... وكنت اغضب أنا الآخر لكن ليس لأنى رقم 2 فى الفصل ولكن لأنى دائما كنت أرى أن الثانى ( مرحش النار ).
وبعد أن مرت أيام الإعدادية بحلوها ومرها ، حيث كان معهدنا الكبير !!! ولا كبير ولا حاجة .
كان الإقبال على المعاهد الأزهرية فى بلدنا عقيم ومعدوم .
كنت فى السنة الثالثة من المرحلة الإعدادية وكنا عشرين .
وبالمناسبة ، الرقم 20 هو رقم المعهد بالكامل حيث كنا فى الصف الثالث 3 .
وعندما ذهبت إلى القرية المجاورة ، للمرحلة الثانوية ، كنت كما يقال أشعر أنني في قلعة آمنة. لا أبذل كثيراً من الجهد لأحصل على ما يعينني على البقاء متحركاً .
كنت أشعر أنى فى بيتى ، اشتهرت سيرتى الذاتية وغير الذاتية بين أقرانى سريعاً لأتعرف على أحد هؤلاء القاطنين فى تلك البلد .
وكنت أعلم أن قانون الصحابة الأول ، إن كان لن تصاحب بصدق فلا تصافح أصلا .
صافحت أحد هؤلاء الشباب وكان فى طيات القدر أن أدخل إلى حجرة نومه .
لا خلسة ولا متخفياً ، ولكن هو القدر .
كنت أشعر فى صداقتى أنها تنسينى تبعات الأمس وأنات اليوم والخوف من القادم .
عشت لحظتى والسلام
دخلت منزل أحمد لأجد ذلك الوالد الذى أصبح منه الظهر والصدر رتقاً غير مفتقين ، كل ما يتمناه ، أن تحلو الأيام فى عينيه برؤيته ولده الأكبر أحمد وهو يتغير ناجحا متقدما ، وكان يرى أن منصور عبد الراضى اللى هو أنا ، الصديق الأمثل ، اللى هيطلع بأحمد القمر .
" ازيك يا منصور وحشتنى "
صوت غريب فى غرفة محمد وانا فى انتظاره ، بعد أن خرج إلى الحمّام ، لكن ليس صوت أحمد
التفت لأرى صاحب الصوت ،
- إنها رباب ، أخت أحمد
ارتجف جسدى مما سمعت لم ارها إلا مرة واحدة تقريباً .
يبدو أنى مريض اليوم ، أسمع اشياء لم تكن .
خرجت من الغرفة وقد قررت العودة إلى المنزل مضطرباً كسائر أمام ذئب يقصده .
خرجت منها خائفاً مترقباً ، أخشى أبحث عن الطريق ، كانت هذه أول مرة فى حياتى أصاب بما حدث .
عدت أدراجى إلى المنزل لأبحث عن " عمرو " صديقى الوحيد ...
- يبدو أنك بالفعل كنت متعباً منهكاً ، لتنس ما حدث " كانت نصيحة عمرو .
- "لن أدخل بيت أحمد مرة أخرى " قرار سريع صائب قررته .
لكن هل ستنقطع علاقتى بـ" أحمد " ربما .
لكن كل ما أحاول الوصول إليه أن أحافظ على أحمد وعلى نفسى .
" حتى وإن كنت فى حاجة للتعامل معاه ، متدخلش البيت " كانت ذه كلمات ضميرى .
بالفعل عزمت على تنفيذ النصيحة ، ففمنوع علىّ وحرام دخول ذلك المكان مرة أخرى .
ذهبت إلى المعهد الأزهرى هناك وكان بجوار منزلهم ، لأضطر لزيارة أحمد المريض ، .... وكأنه كان متلكك !!
انتظرونا قريبا نكمل سويا
تعليقات
إرسال تعليق